لقد هربت المثالية،ولا اعرف من اين اتجهت او الى اين تتجه،ولكن كل ما اعرفه اِنها رحلت،رحلت الى منطقة نائية خالية من السكان،رحلت ومعها كل من حارب لاجلها،وبقى الخوف والجبن يخيم على كل من يريد ان يعيش معها،ولكنها رفضت العيش وسط هذا العالم،لانه دفع نفسه الى عجلة مميتة،ليس بها غير باقة مغرية من المصالح الشخصية وحب الذات والأنانية...... ....
هى واِن كانت تدعو الى محبة عميقة،كرهت كل من لا يتبعها،وطفق الناس يحثوننى على الابتعاد عنها،فهى كالنار المتوهجة تحرق من الخارج كل من يقترب اليها ومن الداخل تُبقى من يقتنيها حزيناً وتعيساً على هروبها من قلوب الاَخرين.
لقد هجرت المثالية قلوب الظالمين والخائفين والجبناء ودقت قلوب البسطاء والاغبياء والشرفاء،لقد عزمت على الا تدخل،اِذا لم ياذن لها أحد،ولكنها تركت هكذا واقفة لسنين طويلة حتى نساها الناس على الاطلاق،لكنها وقفت تدعو كل شخص ان يستضيفها واخيراً لما يئست هربت ،وعاشت طليقة، سدت أذناها عن سماع مخاليفها الذين كانوا يامرون الاَخرين بالابتعاد عنها.
ولكنها وقفت على منبر عالى ،املاً فى ان يراها أحد ويعجب بها،واخيراً جاءهها من اشتراها بكنوز ثمينة جداً،لقد دفع حبه لشره ،دفع اعجاب الاَخرين به،دفع سكناه فى البيوت المهدمة،لكنها وعددته انه ربما الا يستمتع معها فى بداية الامر وانه من الممكن ان يمل منها ولكن فى النهاية سوف تجعله من أكبر الاثرياء..
حينها كرس حياته لحملها والدفاع عنها وعاش فرحاً لحظة تعيساً للحظات ،لانه كان يزهو كل يوم كالنجوم ولم يستطع أحد ان يمسك به او حتى يفهمه ولكنه استمر فى حملها واثقة بما وعدته المثالية ،ظل يرتفع هكذا حتى استطاع ان يبنى له بيتاً فوق الصخور ،كل من راه احتقره لانه كان بعيداً جداً عن انظار الناس ،وبعد فترة بدأ بيته يتهدم شيئاً فشيئاً استعداداً للرحيل والصخور تتساقط من فوق على كل من كان يهرب يوماً من المرتفعات، وجاءه الحزن وعدم الرضا فلم يجدا بداخله مكان يستوعبه وحل بدلاً منهما الفرح والقناعة وفى النهاية بكى الكل على قبره قائلينليتنا بنينا بيوتنا على الصخور بجانبه حتى لا نتحطم فيما بعد عند سقوط صخورنا